المجتمع الإفتراضى للتعليم المفتوح


من أجمل مزايا التعليم المفتوح أنه جمع أُناسٍ وإن كانوا مختلفين عن بعضهم فى أعمارهم ولكنهم متفقين مع بعضهم البعض فى العديد من الخصائص النفسية ، فكثير منهم يتفق مع الآخر فى أنه يريد أن يشبع حاجته النفسية اللاشعورية لتعويض النقص العلمى  الداخلى فيه والذى قد يكون سببه ماديا (بسبب ضيق ذات اليد) أو معنويا (بسبب حالة نفسية ما ) ، أكثر من أن يكون تقصيرا من جهته ، وقد لا يوجد فى المجتمع التعليمى ( من وجهة نظرى ) مجتمع إستطاع أن يجتمع إفتراضيا عن طريق مواقع التواصل الإجتماعى مثل مجتمع التعليم المفتوح. 
ولعل هذا مالم تلحظه الجامعات حين إنشائها للتعليم المفتوح ، فهى (من وجهة نظرى) لم تركز على احتياجات هؤلاء الطلاب النفسية والشعورية وتوظيف هذه الإحتياجات التوظيف الأمثل لما فيه النفع عليهم وعلى أهليهم أولا ثم المجتمع أخيرا ، بل على العكس من ذلك قامت بِهَدْرِ هذه الثروة الكامنة والقابعة بداخل أصحابها ، وتم تحويلها إلى طاقة سلبية بالهجوم المستمر عليهم من خلال أعداء التعليم المفتوح المُنْضَمَّةُ اليهم الجامعات مؤخرا . 
فما هو أفضل من رجل قد تعدى الخمسين عاما أو قد يزيد ، وعليه من المشاغل ما عليه ثم تجده يقتنص ساعات من وقت راحته القصير نسبياً فى المَطْحَنَةِ المصرية ، ليتذاكر أحد كتب التعليم المفتوح لأنه عنده إمتحان فى هذا السن ويريد أن ينجح ليحصل على شهادة علمية يفتخر بها بين أولاده ويحكى لهم بكل فخر كيف حصل عليها بعد هذا السن؟
أم ماهو أفضل من شاب حصل على دبلوم فى مجتمع يعاقبه على مؤهله الصناعى أو التجارى الذى كان فى يوم من الأيام سبب مباشر فى نهضة أوروبا الإقتصادية والإجتماعية ، فيتقدم هذا الشاب ليحصل على شهادة من التعليم المفتوح ويجاهد دواعى الإنحراف المنتشرة فى مجتمعنا من مخدرات استنزفت من صحة هؤلاء الشباب أو من أعمار جيشنا وشرطتنا لمنع دخولها فى بلادنا  أو من غير ذلك من أنواع الإنحراف ، فيحصل الطالب على هذه الشهادة بمعاناة حتى يقول لمن هم فى مثل سنه من خريجى الكليات ويقول للمجتمع أنا هنا (أنا أتعلم إذا أنا موجود ) ؟ .
أم ماهو أفضل من شاب ضعيف العلم والفكر تتنازعه تيارات التكفير من كل جانب فهو حائر حيران ، كل تيار يفتح له باب ويقول له (إلى الهدى ائتنا ) ، ثم مع ذلك يتعلم هذا الشاب حتى يتفتح فكره ويعلم الصالح والطالح ، ويكون عنصر دعم لبلده لا معول هدم لنفسه وبلده كمن حَكَّ جِلْدَهُ بِظُفْرِهْ .
أم ربما ماهو أفضل من فتاة تعدت سن الزواج أو لم تتعدى ، فشغلت نفسها بمذاكرة حتى لا تقع فريسة للغزو المعلوماتى الخارجى الذى لا يستهدف إِلَّاهَاَ (ألا هى) ، فهى أقرب للإنحراف بحكم طبيعتها الرقيقة وعواطفها الشديدة  التى قد لا تجعلها تدرك الأمور على حقيقتها أو تدرك ماذا يراد بدولتنا من خلالها عن طريق الداعين لنشر الفحش فى مجتمعاتنا عن طريقها ، فتتعلم من العلوم مايجعلها تدرك حقائق الأمور وكيف يحاول الغرب خداعها بحكم أنها تقع من المجتمع موقع القلب من الجسد ، وأن العدو إذا أراد أن يقضى على الجسد فالقلب هو الدليل. 
هذه أمثلة على وجه الإجمال لا على وجه الحصر لطلاب تعليم مفتوح مختلفة أعمارهم وأكثرهم لم يرون بعضهم أصلا ، وكانت مواقع الويب والتواصل هى مجتمعهم المغلق عليهم الذى يتذاكرون فيه علومهم ويشكون لبعضهم همومهم ويتشاركون أفراحهم وأحزانهم ، لاتوجد بينهم مصالح إلا العلم فالعلم جمعهم ولم يفرقهم فالعلم يجمع لا يفرق . 
هل هذا المجتمع الإفتراضى أفضل أم مجتمع أعضائه أغلبهم دخلوا بمجموعهم أو بأهداف أهليهم ليس أهدافهم هم وليس رغباتهم هم ، من الذى يستحق الإهتمام أكثر ؟ ، طلاب التعليم المفتوح الذين ارتضوا بأن يكون الويب هو مجتمعهم المغلق مع رغبتهم وحرصهم على الحضور الجامعى الذى ليس لهم منه إلا ما تفضلت به الجامعات عليهم ، أم طلاب الإنتظام الذين لهم من الحضور طوال الأيام فى الأسبوع ولكن على الأوراق الرسمية فقط !!! . 
هذا المجتمع الإفتراضى للتعليم المفتوح هو كنز استراتيجى تعليمى لم تحسن الجامعات استغلاله ، فهى كانت لديها مهمة أشق من ذلك فميزانية التعليم المفتوح التى يصرف ثلاث أرباعها على الجامعات والربع الباقى على الجامعات أيضا ، كانت أهم من تطوير هذا المجتمع الإفتراضى وتقوية مواطن القوة فيه وعلاج مواطن الضعف فيه ، ولذا فالتعليم المفتوح كما أنه تعليم ذو طابع خاص فهو يحتاج إلى مسؤلين ذوى طابع خاص أيضا .

تعليقات