طلاب التعليم المفتوح مابين المِطْرَقَةِ والسِنْدَان (النقابات والجامعات)

كثيرا ماكنت أسمع عبارة (فلانٌ وَقَعَ مابين المِطْرَقَةِ والسِنْدَان ) وحينما بحثت عن معناها وجدت معناها  أن فلانا وقع مابين أمرين كِلاَهُما شَر , ولكن المعنى اتضح فى ذهنى أكثر حينما وجدت مشاكل بالجملة تتعلق بطلاب التعليم المفتوح والذين يبلغ عددهم اكثر من نصف مليون طالب يقال عنهم أنهم فاشلون ولا يستحقون شهاداتهم أما الجامعات والنقابات فهى ترى نفسها  دائما على حق كأنها  مُبَرّأةٌ من كل عيب وكأنها خُلِقَتْ كما تَشَاءْ .
 
ما أن خرج الطلاب من تحت مِطْرَقةِ التعليم المفتوح والذى كان يَأْخُذُ من الطلاب أكثر مما يعطيهم حتى وقعوا تحت سِنْدَانِ النقابات وَأَخُصُّ بالقول نقابة المحامين والتى تضاربت أقوالها فى سبب رفضهم لطلاب التعليم المفتوح فهذه مقولة لنقيب المحامين يقول فيها (على جثتى قبول خريجى الجامعات المفتوحة لأن عددهم 70 ألفًا ولو تم قيدهم سيأكلون الأخضر واليابس وسيحولوننا لشحاتين) وتلك مقولة لنفس النقيب يقول فيها (التعليم المفتوح فى مصر بدعة، وكان مقترحا لبعض رجال التعليم لزيادة مواردهم) ؟ , فلست أدرى هل السبب الحقيقى للرفض هو عدم قدرة النقابة على تحمل هذا العدد من طلاب التعليم المفتوح لأن هذا العدد سيحول النقابة لشحاتين أم أن الطلبة فعلا غير جديرين بالمهنة لأن التعليم المفتوح بدعة ؟ .أم أن هذين السببين أحدهما لاستثارة عواطف المحامين لصنع دعم معنوى للنقيب فى معركته والسبب الاخر للاستهلاك الاعلامى وخلق تأييد مجتمعى ؟ , ان النقيب يقول أيضا وهو يتفاخر (النقابة خاضت معركة ضد نظام التعليم المفتوح، ورفضت قيد خريجيه، حتى ألغاه المجلس الأعلى للجامعات) , وكأن ذنب الطلاب الوحيد أنهم تجرأوا وحاولوا أن يتقيدوا فى النقابة بشهاداتهم التى لم يَمُنَّ أحدٌ بها عليهم بل حصلوا عليها بسهرٍ وتعبٍ وانشغالٍ عن الأهل ودفع أموالٍ من الجيوب؟.

وما زاد الطين بَلّةْ هو رفض قبول طلاب التعليم المفتوح بنقابة المحامين الا بشرط اثبات الطالب أسبقية حصوله على الثانوية العامة قبل دراسته للتعليم المفتوح؟؟, ألا يكفى الخلاف الدائر بين طلاب التعليم المفتوح والتعليم النظامى حتى نخلق نوعا اخر من الخلاف والحقد والحسد  بين طلاب التعليم المفتوح أنفسهم؟؟ ,ان ضعف الرقابة على النقابات وعلى الجامعات وضعف التوفيق بينهم لَيُؤَثّرْ تأثيرا سلبيا على شباب المجتمع المصرى وقدرته على نفع نفسه وبلده , ان جو الخلاف  ان كان مقبولا فى السياسة وغيرها فهو غير مقبول فى الأجواء التعليمية وذلك لأن الجو التعليمى لابد من أن يسوده الهدوء والتركيز لأنه جو بناء فكر من الدرجة الأولى , ان مِطْرَقَةِ الجامعات وسِنْدَانِ النقابات جعلوا طالب التعليم المفتوح فى حيرة من أمره ليس يدرى هل العيب فيه لأنه أراد تطوير نفسه والحصول على شهادة تَشُدُّ من عزمه أم العيب فيمن جعلوه بين فَكّىِ كَمّاَشَةْ ولسان حاله يقول (ياليتنى مِتُّ قبل هذا وكُنْتُ نَسْيَا مَنْسِيّا) .

ان الخلاف فى الأساس هو بين النقابة والجامعة ولكن طلبة التعليم المفتوح هم الذين يدفعون السبب , ولهذا لا أعتب على الطلبة التى كانت ومازالت تسعى لحذف كل كلمة تخص التعليم المفتوح من الشهادات , لأن التعليم المفتوح أصبح سُبّةْ فى حق الطالب المسكين الذى لا ذنب له الا أنه أراد العلم , وبما أن  الجامعات تعلم جيدا أن كلمة التعليم المفتوح لو تم حذفها من الشهادة فستكون المعركة بينها وبين النقابات على الوضع المفترض أن تكون عليه  فلهذا هى ترفض حذف كلمة التعليم المفتوح من الشهادة وتتحجج بأن التعليم المفتوح معتمد وانه نوع من أنواع التعليم  مثل التعليم بنظام الانتساب وهكذا من الأسباب التى لاتنطلى الا على البسطاء فى الفهم , وهذا الكلام مردود على صاحبه بأن طالب الانتساب لا أحد يرفض قيده فى النقابات ولا أحد يهاجمه ويقول له بأن منهجه التعليمى ضعيف؟ .

ولا يفوتنى هنا مقولة نقابة الصحفيين والتى تقول بأنها لم ترفض قيد طلاب التعليم المفتوح فى النقابة وهذا شىء مشكور منها , ولكن لزم التنبيه أن من شروط القيد فى نقابة الصحفين أصلا أن يكون الطالب حاصل  على مؤهل عالى معتمد , وبالتالى فليس عند النقابة أصلاً أى مانع فى قبول طلاب التعليم المفتوح أو غيرهم فالشرط عندها حصول الطالب على مؤهل عالى أيا كان جنسه أو نوعه. 

ان أكثر مايحزننى هو تجربة التعليم المفتوح  والتى أشبهها بِأُمٍ  مَرَّ عليها 25 عاماً أى أشغال شاقة مؤبدة وفى النهاية يتم التخلص منها متناسين أنها لها أولاد يبلغ عددهم نصف مليون طالب كل ذنبهم أن شهاداتهم مكتوب عليها ( بنظام التعليم المفتوح) , ان اللَعِبْ بنفسيات طلاب التعليم التعليم المفتوح لَهُوَ لَعِبٌ بالنار, فالطالب دخل التعليم المفتوح ليتعلم وينفع نفسه وبلده وليس ليصبح أضحوكة للمجتمع والعالم بسبب خلافات بين المِطْرَقَةِ والسِنْدَان ليس له علاقة بها الا ما تم اقحامه فيها , ان التعليم من المفترض أن يفك عُقَدْ لا أن يزيد العُقَدِ تعقيدا. 

كثيرا ما أستدل فى مقالاتى بتجربة التعليم فى سنغافورة بصفة عامة , هذه الجزيرة التى كانت فى فترة من الزمان جزء من بلد ما ثم تم نَبْزُهَا والتبروء منها حتى أغلقت بابها على نفسها وبدأت حرب داخلية على التعليم  واهتمت به فى وقت كانت دول العالم تهتم بالتطوير العسكرى ,أنظروا الان ماوصلت اليه سنغافورة من المكانة كواحدة من أهم الراكز المالية فى العالم ومن أهم الأنظمة التعليمية فى العالم فضلا عن قدرتها الفائقة فى التنظيم حيث أن ميناء سينغافورة من أدق الموانى وأسرعها تنظيماً فى العالم كله, بل اننا فى مصر الان نحاول تجربة التعليم السنغافورى فى مصر؟, ان هذه التجربة السنغافورية نجحت لتعاون الجميع فى بناء طالب حقيقى تتطور البلد على يديه لا أن يتفق الجميع عليه .

تعليقات