مَنْ لَزِمَ الرُّقَادْ عَدِمَ المُرَادْ . عن طلاب التعليم المفتوح أتحدث

حِكْمَةٌ جميلة وجدتها فى كِتاَبِ (الأمثال والحكم للمَاَوَرْدى) يقول فيها (مَنْ لَزِمَ الرُّقَادْ عَدِمَ المُرَادْ) , فكثيرٌ هم طلاب التعليم المفتوح الذين بمجرد أن دخلوا التعليم المفتوح واستلموا مايثبت أنهم طلاب فى جامعة القاهرة تجدهم بدأوا فى سُبَاتٍ عميق فى بياتٍ شِتْوِى لا يخرجون منه الا على طَرْقِ  الجامعات على أبوابهم لِتُنْذِرَهُمْ باقتراب الامتحانات ليفيقوا من بَيَاتِهِم ْويفتحوا كُتُبَهُمْ فلايجدون الى فهم الكتاب سبيلا فَيَهْرَعُونَ الى المكتبات ليتخذوا من المُذَكَّراتِ دليلا , يتركون الأصل ويهرعون الى الفرع؟ , يتركون كتابا مترابط المعاتى والأفكار ويذهبون لوريقات ليس لها من الكتاب الا مثل ما للفقير الجائع من شَهِىِّ الطعام , ان من لَزِمَ الرُّقاد فى فهم الكتاب وما أراد المؤلف من الطالب عَدِمَ المراد فى أن يكون طالبا متعلما فَخِرِّيجاً عالماً مستحقاً لما أخذ من التعليم المفتوح .

ومن جميل ما ذُكِرَ فى حُبِّ العلم والقراءة من الكتب ماذكره الدكتور محمد اسماعيل المُقَدِّم فى كتابه (عُلُو الهِمَّة) من أخبار اليابانيين فى حبهم للعلم والقراءة ونفع أوطانهم فقال ((وَحَدَّثَ من عايش الطلاب اليابانيين الذين يُبْتَعَثون الى أمريكا عن أحوالهم فقال: ربما يلبثون فى مكتبة الجامعة الى نصف الليل وربما نام أحدهم وهو جالس على كرسيه ويواصل الدراسة فى اليوم الثانى من غير ذهاب للبيت)) ؟,ولهذا فكثيرون ممن يعتمدون على المُذَكَّراتْ لا يستفيدون منها الا بِقَدْرِ مايحفظون ممافيها , ولهذا فمما استفدته من كلام دكاترة التعليم المفتوح حينما كان يسأله بعض الطلبة فى بداية الدراسة عن المَلْغِى وعن المُذَكَّرات فكان الدكتور يقول له بتعجب اقرأ الكتاب , فالدكتور لايريد لك الا خيرا , يريدك أن تقرأ الكتاب من أوله لاخره ليصل لك العلم كاملا  كما وصل له عمن سبقه.

 إن كثيراً ممن تقدموا للتعليم المفتوح لم يعالجوا نقاط ضعفهم فى دراساتِهِمْ السابقة ألا وهى البعد عن الكتاب وعدم القدرة على  ربط اول الكتاب باخره ؟ , كيف تكون إعلامياً وأنت لم تفهم من الإعلام إلا بقدر ما أراد أصحاب المذكرات منك أن تَفْهَمَهُ؟, كيف تكون محامياً وأنت لم تُحَصِّلْ من العلوم الا ماتَحْفَظُةُ؟, إنَّ طالبَ التعليمِ المفتوح أَوَلَى الناس بالإطلاع على المزيدِ من  الكُتُبِ فى وَقْتِهِ  ممالايَقْدِرُ عليه طالبَ الانتظامِ فى نفسِ مَجَالِهِ, إنَّ طالب التعليم المفتوح حتى يثبت نفسه فى سوق العمل وُجِبَ عليهِ أنْ يسبق طالب الانتظام بِخُطْوَةْ وهذه الخُطْوَة هى ماذَكَرْتُهُ فيما سبقته من جُمْلَهْ , ومن فَهِمَ المُرَاد زَالَ عنه الرُّقادْ .

والحقيقة أن الرُّقاد فى الفهم يَسْتَتْبِعَهُ بالضرورة  رُقَادٌ فى العمل , فهذا طالبٌ يشتكى من زيادة مصاريف المادة ,وهذا طالب يشتكى من الغاء  محاضرات لترمٍ بعينه ,وهذا طالبٌ يشتكى من تباطوءِ مركز التعليم المفتوح  فى اظهار تقديرات الطلبة على صفحاتهم الشخصية , وأولئك خريجين يشتكون من تَعَنُّتِ نقابةٍ ما معهم وَرَفْضَهَا تقييدهم فى جداولها إلا بإثبات أسبقيةِ حُصُوُلِهم على شهادةٍ ما بأثرٍ رجعى , نحن دائما مانشتكى وننتظر فَرْشَ الوورودِ والترحيب بنا , ويوم أن نسعى للحصول على حقوقنا ويتم اجهاضنا تجدنا نيأس من الحياة ونعيش دور المظلومين, وكأننا ليس لنا من استعادة  الحقوق الا محاولة واحدة فصابت أو خابت وما يعلم هؤلاء أنه مامن باب يُغْلَقْ مع تِكْرارِ الطرق عليه . وأن الحقوق هى جوهرة تم رميها عن عَمْدٍ فى قاعِ البِحَار فلا يَصِلُ اليها الا  غَوَّاصٌ ماهر فهو أَحَقُّ بها وأقدر الناس على الحفاظ عليها , أما الكُسَالى فينتظرون جفاف البحر حتى تظهر لهم هذه الجوهرة . أو ينتظرون من رمى الجوهرة فى البحر أن يتفضل عليهم بالغوص فى البحر ليخرجها لهم .

ولو تطرقنا الى مشكلة خريجين حقوق تعليم مفتوح  كمثال لما أقول عن الرُّقادِ فى العمل فهى فى الأساس (فى ظنى) من داخلهم فكثير من خريجين الحقوق تعليم مفتوح للأسف لَزِموا الرُّقاد وينتظرون من زملائهم  المُرَاد , يذكر المَاوَرْدى فى كتابه السابق ذكره قصةٌ عن بعضِ الأَكَاَسِرَةْ أنه دخل الحرب بنفسه وشارك فيها فَلاَمَهُ مَنَ حَوْلَهُ(أى ألقوا عليه اللَوْمْ)  على ذلك أن كيف يكون إمبراطوراً ويحارب بنفسه مع الجنود فقال لهم(ليس من الانصاف أن يُقَاتِلَ أصحابى عنى ولا أقاتل عن نفسى), ولكن للأسف يا اخوانى إنَّ كثيرٌ من طلاب التعليم المفتوح رَاقِدون وينتظرون من زملائهم المُرَادَ ليَتَسَلَّقُونْ على أكتافهم ويأخذون من نجاحهم ما يوارون به فشلهم , ولكن الى أين تَتَسَلّقُونْ ؟ هل تظنون أنكم لو تسلقتم على شجرة زرعها غيركم ستصلون؟ لو أن أحداً هَزَّ هذه الشجرة وأنتم عليها لَسَقَطْتَم , فلا تكونوا مع بعضكم كمن قال الله تعالى فيهم( وَلَاَ تَنَاَزَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصبروا انّ الله مع الصابرين) وتذهب رِيحُكُمْ أى يذهب عنكم ما جائكم من الخير, إن من عدل الله تعالى أن من جَدَّ وَجَدْ , وأنه ليس للمرء الا ماسعى .

الشاهد من كلامى ياطالب التعليم المفتوح  أن عليك بالهمة فى طلب العلم , والمذاكرة من الكتاب, ولا تَسْتَغْنِى عَنْهُ بما كان فى غَيْرِهِ نَقْصٌ منه , ولاتَلْزَم الرُّقَادْ فيفوتك بسببه مايكون لك حُزْنَاً على فَقْدِهِ , وكن مع أصحابك فى الطَلَبْ كالعِيدَانِ الكثيرةِ من الحَطَبْ لا يستطيعُ كَسْرَها الا من فَرَّقَ جَمْعَها , واعلم بأن العلم لا يُوقِفُ جَمْعُهُ الا سُوءِ النيةِ فى طلبهِ , وكفى. 

تعليقات